الجمعة، 16 أغسطس 2013

إلى ندى

عزيزتي الطيبة ندي.. لم أكن يومًا جيدة _حتي بما يكفي_في أي شيء.. وحسنًا, هذا موجع . 
 ترين, العتمة توسعت حتي اختنق النور من الضيق.. ثم أصبحت وحدي وأمسيت اُبعد من تبقوا بعد الطوفان.. ثم أصبحت أكثر وحدة.. وغدوت مُفرغة.
 وساكن القلب صار بعيد عني بعدما سكن.. ولا أجد ما يُفعل سوي أن أصاب بنوبة من نوبات سالم فأظل ألعن الكون والمحيطين والقلب والروح.
 لا بأس عليك يا صديقة.. أعلم أنك أنتِ الأخرى تتمتعين بنصيبك من الوحدة, وربما نصيب نصف سكان الكوكب من باب الكرم.. ولكنك تُنيرين العتمة فتتلاشي يا ندي. . الأوضاع مُزرية أنا أعلم.. ولم يسبق لنا أنا استمرينا في نزول منحدرات متوالية بهذا الشكل من قبل.. ولكن هذا حدث ... أنا أضمم يديّ إلى جناحي من الرهب كما قال الرب, وأظل أهتز حتى أغفو من صُداع البكاء المرهق.. متى نستطيع البكاء دون أن نحظي بعلاوة من الصداع المستفز؟ 
أكتشف منذ أيام أني لازلت صغير للغاية_صغيرة فشخ يا ندي_وكذلك أنتِ.. و إيثار و فداء.. ثم أكتشف أننا أكبر من اللازم في نفس الوقت.. ف أتوه و أكفر و أعتزل وأكتئب.
  وينتهي بي الأمر متقوقعة في فراشي الذي أكرهه منتظرة أن تضيع آثار صداع البكاء. أختنق بما أعرف, وأذوب فيما لا أعرف والنهاية واحدة يا ندي.. عدم. أكشف جسدي في الليل وأتجول فى البيت عارية.. أحاول أن أتأقلم معي بحجة أن العُري نور..
 والنور معرفة والمعرفة تقبُّل والتقبُّل تأقلم والتأقلم هُدنة يا عزيزةُ عيني. ولكني أفشل يا ندى, وينتهي بي الحال في غرفتي مسندة ظهري للباب.. أهتز وأعانقني.. وأصلي أن يبتعد الصداع هذة المرة فقط. أأخبرتك عن ميادة؟ لا أتذكر بالضبط من حكيت له عنها.. ربما الجميع.. ربما لا أحد.
 كان ما حدث أن ميادة لم تعد تسكن هُنا بعد الآن.. و أنا لم أبكيها حتي الآن.. أعني, لقد بكيت الموت بعيدًا, وذهب.. كيف أبكي ميادة وأدعها تذهب يا ندي؟ أكاذ أسمع صوتك تقولين" عيطي .." ثم ستقولين شيئا كـ" دعيها تنبثق في العدم لتتجدد مثل نجم البحر" ثم لا أعرف كيف يتحول كل ذلك لنقاش "مسخرة" بكل الأحوال.. أنا لا أستطيع أن أدعها ترحل من داخلي يا ندي.. ولكنني تعبت من الثِقَل.. تعبت من التصاق خطواتي بالأرض ومن تلك المشية العجيبة التي رافقتني من يوم أن تركت ميادة الكون لتسكن داخلي.. تلك الغبية قبيل رحيلها بيوم أخبرتني أنها أصبحت تحس أن جسدها صار ضيقًا عليها.. وأنها تحتاج براح أكثر.. وأنا سكتُ ولم أُعقب, ثم تركت جسدها وصارت تسكنني يا ندي. وأنا لا أحتمل ثقل الخفة.
 نضحك كثيرًا ونتجنب أحاديث الوجع.. رغم قربنا يا نديّة .
 ومن أين لنا تلك المقدرة علي ادعاء الكون بخير؟ كيف يا ندي نقسم بحياة أكثر من نحب أننا بخير فقط لنتجنب حديث شد أزر آخر؟ 
آه يا ندي.. ربما كان يجب أن نولد ف القرن التاسع عشر ونتكون أكبر مشاكلنا أننا لا نتقن البولناز. 
 ليت معي ثمار برجموت تكفي لتعطير الكون من العتمة من أجلك يا ندي. ولكني صغيرة. 
وليت لي فيولونسيل فأعزف معك ونخلق جمال وخفة.. ولكن أذني سيئة للغاية في التقاط النوتات ويداي طائشتان . 
 لازلت أخاف من العتمة, وأرفض النوم في غرفة مظلمة بالكامل.. هذا يُثير سخريتهم ولكني أعتقد دومًا أن الإله الشرير يكمن في الظلام ساكنًا.. ينتظرني حتي أغفو فيعبث بالثلج في قلبي ويحيله نارًا أو تراب.. فأختنق وأرحل. 
لا أعرف لم أكتب لكِ أنت خصيصًا يا ندي.. لأني أعلم أن السبب ليس القُرب رغم وجوده.. ربما لأننا نرتاح عندما نُحمّل أقرباء الروّح . غدًا سنستيقظ أفضل يا ندي.. وغدًا آخر لن نستيقظ أبدًا.
 قُبلات, وبعض من الإليكس لشعرك. ضعيه كقناديل وسط العتمة. واغفي آمنة.